لقد سمعنا جميعاً تصنيفات أن الخوف إما أن يكون أمراً طبيعياً أوغير طبيعي، وأن الخوف الطبيعي نعتبره صديقاً لنا، في حين يجب تدمير الخوف الغير طبيعي كونه عدو لنا.
“في الحياة المتحضرة، أصبح من الممكن، في النهاية، أن تنتقل أعداد كبيرة من الناس من المهد إلى اللحد بدون أن يكون لديهم أي نوع من الخوف الحقيقي. كثير منا بحاجة إلى هجوم من الأمراض العقلية لتعليمنا معنى كلمة خوف.” وليام جيمس.
اذا خضنا في الشخصيات التاريخية أو المعاصرة سنجد العديد من الأمثلة لأناس تخلصوا من خوفهم الطبيعي وظهروا كأنهم لا يخافون نهائياً، أو أنهم ليسوا بشراً مثلنا. الحقيقة أن هؤلاء استطاعوا التعامل مع الخوف بالعقل وقاموا بإبعاد كل الخوف عن أدمغتهم، واستبدلوا مصطلح “الخوف” بآخر اسمه”الغريزة” أو “العقل”.
“يمكن للجميع أن يشهدوا بأن الحالة النفسية التي يطلق عليها الخوف تتكون من تمثيلات عقلية لبعض النتائج المؤلمة” (جيمس).
الخوف يأتي نتيجة اعتقاد الشخص أنه في خطر بسبب توقعه نتائج مؤلمة، لذلك اذا تخلص الشخص من التفكير في النتائج المؤلمة، سيتخلص من الخوف المترتب في الواقع عل تفكيره المسبق.
اذا اعتدت على التفكير بأنه “لا شر قريب” فستتخلص من الخوف بسهولة مع الاحتفاظ بجميع غرائز الحفاظ على النفس في فعالية قصوى.
المثال الأوضح لهذا الشعور عندما تمر بجوار مجموعة من الكلاب الضالة، اذا فكرت في امكانية هجومها عليك وانك سوف تتأذى، تبدأ عليك علامات التوتر والقلق، ويتسلل الخوف الى عقلك، وستكون وقتها غير قادر على التصدي لأي خطر قد يداهمك.
على الجانب الآخر اذا تعاملت مع الأمر بعقل وحكمة وأن هذه الكلاب لا تهاجم المارة ولن تهاجمني، ساعتها سيتبدل الخوف بالحذر وستكون غرائز الحفاظ على النفس تحت سيطرتك الكاملة، مما يمكنك من مواجهة أي خطر.
هذه هي الطرق التي يمكن عندها تقسيم أي فرصة للخوف:
الخوف إما أن يكون تحذير أوصانع للذعر. ولكن دعنا نقول إنه يجب أن يُفهم التحذير على أنه معطى للسبب، وأن الخوف لا يجب أن يظهر على الإطلاق وأن الذعر هو ألم عديم الفائدة تماما. مع وضع هذه التفسيرات في الاعتبار، قد نذهب الآن إلى دراسة أولية عن الخوف.
أنواع الخوف
الخوف هو (أ) دافع ، (ب) عادة ، (ج) مرض.
مهما كانت مظاهره، أينما كان موقعه الظاهر، فإن الخوف هو حالة نفسية، بالطبع يتفاعل مع الفرد بعدة طرق.
الخوف قد يكون بسبب دافع قوي كأن تعرضت في الصغر للهجوم من كلب في الشارع واضطررت لأخذ مصل الكلب وتحمل عناء الحقن لخمسة جرعات، حالياً اذا رأيت كلباً صغيراً في الطريق فانك تبحث عن طريق آخر لتسيير منه.
كما يمكن أن يكون الخوف عادة اكتسبها الإنسان من أبويه أو حتى من المجتمع الذي يعيش فيه، فمثلاً حشرة الصرصار غير مؤذي بالمرة ولكن تجد الكثيرين يخافون منه بمجرد رؤيته، وهو شعور ينتقل من البيئة المحيطة بك، حيث نجد في مجتمعات أخرى أكل الحشرات عادة حميدة لديهم.
أخيراً الخوف المرضي وهو أخطر أنواع الخوف، حيث يعاني الشخص المصاب بهذا النوع من الخوف من أشياء لا أحد يخاف منها في الطبيعة، أو يخاف من أشياء في مخيلته هو فقط، وهذا النوع لابد من عرضه على طبيب نفسي متخصص.
تخلص من الخوف
يمكن لأي شخص أن يتخلص من الخوف بسهولة إذا تمكن من مواجهة نفسه بمخاوفه، فالمواجهة هي أول خطوة في طريق التخلص من الخوف.
اذا تمكنت من معرفة ما تخاف منه وقررت التخلص من الخوف منه، استعن بالله أولاً وأنه لن يضرك شيئ إلا بإذن الله، ثم بإقرب الناس إليك لمساعدتك على المواجهة الأولى.
اذا تعرضت للشيئ الذي تخاف منه ولم تتأذي فان جميع مخاوفك تجاه هذا الشيء ستزول للأبد، ولكن دائما اجعل غرائز البقاء على أهبة الاستعداد.
وأخيراً إن الخوف ناتج عن تضخيم خطر حقيقي فعلي، أو باستحضار مخاطر وهمية من خلال ردود فعل نفسية مفرطة ومضللة. ويمكن أيضا أن يؤخذ هذا كإشارة خطر، ولكنه شاهد زائف النية، لأنه غير مطلوب، هو معادٍ للإنسان لأنه يهدد ضبط النفس ويستنفذ قوى الحياة في عمل عديم الجدوى ومدمر عندما يجب أن ألا يكون.